ضمن فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الشارقة القرائي للأطفال أقيمت في القاعة الأولى في مركز إكسبو ندوة حول “الترجمة في مواجهة الهوية”، وأدارتها الإعلامية التونسية منية برناط، وتحدث فيها كل من القاص الإماراتي عبد الرضا السجواني، والناقدة المصرية الدكتورة هويدا صالح، وتابعها عدد من جمهور المعرض، والمهتمين، وأثارت الندوة عددا من الأسئلة المتعلقة بدور الترجمة سلباً أو إيجاباً بما يخص الهوية وثوابتها ومفهومها .بداية، أشار السجواني إلى أن الترجمة هي زاد معرفي جديد للمكتبة العربية، ولعبت دوراً إيجابياً في كثير من المناحي، لكنه اعتبر في الوقت ذاته أن تمحور الترجمة حول لغة وثقافة والنقل عنها من شأنه أن يدفع الأجيال الجديدة إلى التعلق بشكل سلبي بهذه اللغة أو الثقافة، ورأى أنه من الضروري أن تكون الترجمة للطفل متنوعة من حيث الثقافات التي يتم الترجمة عنها .وقال السجواني إنه من الضروري ألا تخل الترجمة بثوابت هويتنا، وألا تتناقض مع القيم الإسلامية، هذه القيم التي رأى الكاتب أنها تشكل ثوابت الهوية .من جهة أخرى، لفت السجواني إلى وجود الكثير من الترجمات التي لا تتمتع بإمكانات جيدة على مستوى اللغة العربية، و”فيها الكثير من الركاكة”، وهو ما يؤثر في ذائقة الطفل العربي، وأحياناً “تضم بعض الترجمات مفردات تتعارض مع الشريعة”، وهو ما يؤثر سلباً في التكوين الثقافي والديني للطفل، ورأى السجواني أنه من الضروري أن يتمتع النص المترجم بلغة عربية صحيحة وعذبة وسلسة حتى يتفاعل معها الطفل . أما د .هويدا صالح فقد رأت أن عنوان الندوة يضع الترجمة في مقابل الهوية وهو أمر -من وجهة نظرها- يحمل تعارضاً بين الترجمة والهوية، بينما الترجمة أمر لا يتناقض مع الهوية .ورأت د . هويدا أنه إذا كان الآخر جزءا من الذات لا غنى عنه فإن الترجمة عن الآخر تغني هذه الذات، وتسهم في بنائها، وفي الارتقاء بها، وتوسيع معارفها، وقالت: “يجب أن نقيم جسوراً من التواصل مع الآخر، من دون الخوف على هويتنا، وعلينا ألا نخشى من الآخر”، وضربت د . هويدا مثلاً من التاريخ الإسلامي، وقالت إن تاريخنا الإسلامي في عز ازدهاره كان منفتحاً على كل الثقافات واللغات، وترجم عنها، وخاصة من اللغة اليونانية التي أخذ عنها الكثير من المعارف، وبدورها أخذت أوروبا في ما بعد من الحضارة العربية الإسلامية، ونقلت علومها ومعارفها .ولفتت د . هويدا إلى أن العرب والمسلمين يتحملون مسؤولية كبيرة عن الصورة النمطية التي ترسخت لدى الغرب، وذلك لعدم وجود استراتيجية عربية في ترجمة الفكر والأدب العربي المعاصر إلى اللغات الأوروبية وغيرها، وتعريف العالم بأن الصورة التي رسموها لنا هي صورة خاطئة ومشوهة، ورأت أن الوقت قد حان لوجود قرار عربي رسمي من أجل تبني استراتيجية واضحة في ترجمة الأعمال العربية إلى اللغات الأخرى على أن تتمتع هذه الاستراتيجية بصفة الديمومة . ( الخليج 12036 )
نشر في الخليج 12036 بتاريخ 2012/5/02
أضف تعليقاً