حلت الذكرى الرابعة والأربعون على صدور قرار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه بتأسيس المركز الوطني للوثائق والبحوث، ليكون بذلك أقدم هيئة علمية تهتم بالتاريخ في منطقة الخليج بل وأقدم مؤسسة اتحادية في الدولة أنشئت قبل ثلاثة أعوام من قيام الاتحاد في الثاني من ديسمبر من عام 1971م، وأصبحت جزءا مهما من مؤسساته المختلفة خاصة وأنه يضم ملايين السجلات والوثائق المتنوعة. لقد أراد المغفور له بصفته حاكما لإمارة أبوظبي آنذاك من إنشاء “ مكتب الوثائق والدراسات” أن يكون ذاكرة الوطن وراصدا شاملا وجامعا توثيقيا لتاريخ الإمارة مستشعرا في ذلك أهمية أن يكون لأي كيان سياسي” إمارة كان أودولة “ خزين كبير من الوثائق والمعلومات والرسائل والمستندات والاتفاقات والمعاهدات والأخبار والوقائع التي تحدث داخل الدولة أو مع دول أخرى ليكون بذلك بمثابة السند التاريخي للدولة الذي يمتد من أعماق الماضي ليصل إلى منعطفات الحاضر وتشعباته.وبعد قيام دولة الاتحاد ومع زيادة الاهتمام بتاريخ الدولة الوليدة ومنجزاتها التطويرية تغير اسم “مكتب الوثائق والدراسات “واصبح اسمه الجديد “مركز الوثائق والدراسات، ثم استبدلت كلمة الدراسات بكلمة البحوث فأصبح الاسم ولفترة طويلة “ مركز الوثائق والبحوث “ حتى عام2008 حيث أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله القانون الاتحادي رقم 7 لعام 2008م الذي كلف المركز بمسؤولية الأرشيف الوطني للدولة فأصبح اسمه في شكله النهائي” المركز الوطني للوثائق والبحوث” وبذلك أصبح نشاطه يغطي كل مؤسسات الدولة بعد أن كان يقتصر على مؤسسات إمارة أبوظبي فقط.وخلال كل هذه الفترة الممتدة من ولادة المركز إلى اليوم لم تقتصر فوائده على أبناء الإمارة بل كانت أبوابه مفتوحة لكل أبناء الدولة والمنطقة والباحثين والدارسين من كل أنحاء العالم نظرا لما تحتويه أراشيفه العالمية من ذخائر تاريخية مرتبطة بمنطقة الخليج استطاع المركز أن يجمعها على مر السنين من مصادر بريطانية وهولندية وفرنسية وألمانية ويابانية وعثمانية وفارسية وبرتغالية و أميركية وعربية وروسية وجعل لكل منها أرشيفا خاصا بها.صنفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “ يونيسكو “ المركز قبل نهاية القرن الماضي ضمن كبريات المؤسسات الثقافية العربية نظرا لما يقدمه من خدمات جليلة في مجال التاريخ والتراث والدراسات العلمية الرصينة المتعلقة بتاريخ المنطقة ولما يحتويه من كنوز معرفية مكتوبة بلغات عدة. وتشتمل مقتنيات المركز التي يجلبها من مختلف أنحاء العالم على كل ما يتعلق بتاريخ الإمارات والخليج العربي بعد أن يقدرها ويوثقها ويترجمها ويحفظها كما يشجع كل من لديه أي وثائق هامة تتعلق بتاريخ الدولة أن يسلمها مقابل مكافأة مجزية.وتوجد في المركز مكتبة الإمارات الثرية بآلاف العناوين من المصادر والمراجع والكتب والدوريات والرسائل والأبحاث الجامعية المتخصصة بشكلها الورقي والإلكتروني، أما مطبعة المركز فهي مزودة بأحدث أجهزة الطباعة والتجليد وتقوم بطباعة إصدارات المركز وتقدم خدماتها للوزارات والهيئات الحكومية وغيرها. ويضم مبنى المركز الوطني للوثائق والبحوث معرضا دائما لمقتنيات المركز من الوثائق والخرائط والصور والكتب النادرة التي لا تقدر بقيمة وفيه قاعة للواقع الافتراضي ومسرح ثلاثي الأبعاد يأخذ زائريه في رحلة خاصة عبر تاريخ الإمارات العربية المتحدة.يستضيف المركز الوطني للوثائق والبحوث في أدائه لدوره كمؤسسة بحثية كبرى المؤتمرات المحلية والدولية وورش العمل والمعارض وقد كان له دور بارز في المؤتمر الدولي للمائدة المستديرة حول الأرشيف ومؤتمرات جمعية التاريخ الشفاهي والفهرس العربي الموحد وندوة فهارس السجلات والمكتبات العربية وغيرها. وللمركز علاقات وعقود شراكة مع المراكز الأرشيفية الدولية الكبرى من أجل التوسع في أرشيفه وموارده فهو عضو في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “ يونيسكو” والمجلس الدولي للأرشيف والاتحاد الدولي للمكتبات والمعلومات والأمانة العامة لمراكز الوثائق والبحوث بمجلس التعاون لدول الخليج العربية كما أنه وقع مع المجلس الدولي للأرشيف ومؤسسة “زيروكس” مذكرة تفاهم وله شركاء في المجتمع الأكاديمي المحلي والدولي مثل جامعة زايد وجامعة كاليفورنيا- فرع بيركلى، وكليات التقنية العليا وغيرها.والمركز عضو فاعل في العديد من المنظمات الإقليمية والدولية مثل منظمة “يونيسكو” والمجلس الدولي للأرشيف “ آي سي إيه “ والاتحاد الدولي للمكتبات والمعلومات “ إيفلا” والأمانة العامة لمراكز الوثائق والدراسات في دول مجلس التعاون الخليجي” جي سي سي” والاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات “ أفلي” وجمعية دراسات الشرق الأوسط “ ميسا “ وجمعية التاريخ الشفهي. ( وام )
نشر في وام بتاريخ 2012/6/16
أضف تعليقاً