صندوق الكاتب هدية لحاكم الشارقة.. ويضم أدوات نادرة 100 عام من سحر الكتابة : لأنه كاتب وشاعر وأبو الفنون، هو بالمختصر شخصية ثقافية بامتياز، لم يقتصر شغفه بالثقافة على الإبداع الذاتي، إنما فاض بجود احتوى من خلاله المبدعين، وأدى دوراً جلياً في خدمة الكتاب والمؤلفين والأدباء، ترسيخاً لشعار معرض الشارقة الدولي للكتاب «في حب الكلمة المقروءة»، إذ استحق صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن يُهدى من قبل مؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات)، ذلك الرمز التذكاري النادر والفريد من نوعه «صندوق الكاتب».يُعد «صندوق الكاتب» تحفه فنية نادرة، إذ يتجاوز عمر ذلك الصندوق أكثر من 100 عام، فيما يضم في داخله أدوات ومعدات للكتابة ولوحات فنية يعود بعضها إلى مئات السنين، أما المواد المصنوعة منها تلك المعدات، فتعد من أجود أنواع الخشب والعاج والخزف والصدف، الأمر الذي يكسبها جمالية وقيمة فنية تفوق قيمتها المالية، يكفي أن تكون مصدر ابداع وإلهام، لاسيما ما تحتوي عليه من تفاصيل ونقوش خلابة.جمع هذا الصندوق محتوياته من دول كثيرة، منها فرنسا وبريطانيا وايران، ويضم العديد من أدوات وقرطاسيات الكتابة، التي كانت متداولة ورائجة قبل مئات السنين، وبمجرد أن يُفتح الصندوق الخشبي العتيق تظهر عِدة الكتابة، المكونة من محبرة إنجليزية باللون الأسود القريب إلى أحجار المرمر، وأخرى فرنسية مصنوعة من الخزف «البورسلان» الأبيض، المنقوشة عليه زخارف باللون الأزرق الداكن، بطراز قديم لا يخلو من اللمسة الفرنسية الراقية. كما يضم صندوق الكاتب حافظة أقلام (مقلمة) فارسية عتيقة، تعود في أصولها إلى القاجارية في إيران، وهي سلالة تركمانية من الشاهات، حكمت في بلاد فارس (إيران)، أما الأقلام فهي ذات نوع فريد وذوق رقيق في الصنع، فبعضها مصنوع من الصدف، وآخر مصنوع من معدن النحاس المشغول بحرفية فناني ومبدعي الماضي الجميل، كذلك يحتوي الصندوق على أحبار جافة وأداة فتح أظرف الرسائل، إضافة إلى مقص مصنوع من العاج الأبيض الأصلي.حمل «صندوق الكاتب» العديد من الذكريات والمشاعر الإنسانية النبيلة، منها نشرة خاصة بعنوان «رسالةإجازة»، أو كما كانت مكتوبة باللغة الإنجليزية ''Holiday litter'' تعود إلى سنة 1760 ميلادية، إلى مستشرق عاش فترة في الشارقة، وتذكّر من خلالها علاقاته الطيبة بشيوخها، وذكر الشيخ صقر بن سلطان القاسمي، الذي ربطته به علاقة صداقة واحترام متبادل، وحملت تلك النشرة شعار الشارقة القديمة.ومن بين سجّل الذكريات رسالتان نادرتان، إحداهما كتبت من قبل الشيخ محمد بن خليفة بن سعيد القاسمي، وتعود كتابتها إلى عام 1310 هجرية، وأخرى كتبها والد حاكم الشارقة، الشيخ محمد بن صقر القاسمي، في عام 1375 هجرية، والرسالتان تعدان من الرسائل الشخصية ضمن المراسلات الداخلية.لأن حاكم الشارقة يعشق الفنون، وتحديداً الفن التشكيلي، وكونه أحد أهم مقتني الأعمال النادرة للمستشرقين، التي تعرض حالياً في متحف الشارقة للفنون، ضمن مقتنيات حاكم الشارقة لبلاد الشام ورحلة إلى بلاد فارس، فقد ضم «صندوق الكاتب» أربع لوحات فنية لبلاد الشام صُورت في عام 1760. وتوضح تلك اللوحات، إضافة إلى مقتنيات حاكم الشارقة، عمل الرسامين المستشرقين على تصوير راهن وحال وواقع تلك الأمكنة، وما يجول في ثناياها من بشر وكائنات، إضافة إلى كل الموجودات المرتبطة بحياة الإنسان وما يرتبط بها من سبل العيش والتعبد، والأعمال التي تمت مزاولتها في تلك الحقبة من الزمن، الأمر الذي يجعل من تلك الرسومات شواهد حقيقية لتلك الفترة، وتتيح فرصة حقيقية أمام البحث التخصصي الساعي لاستجلاء هوية المكان وقراءته ضمن توثيق مرئي لا يخلو من الواقعية، ويعتمد على جملة من الأساليب الفنية المعنية بالمشاهد العامة، إضافة إلى عنايتها بمناظر أخرى تجمع بين طياتها اهتماماً بالتفاصيل الشديدة التركيب والتعقيد. ( الإمارات اليوم )
نشر في الإمارات اليوم بتاريخ 2012/11/09
أضف تعليقاً