ماذا نقرأ، وكيف نقرأ، وبأي لغة نقرأ؟ ثلاثة أسئلة، تردد صداها، في فضاء مجلس الدكتور عارف الشيخ بمنطقة الخوانيج بدبي، لتحفز عدداً من المثقفين وأصحاب القلم الذين اجتمعوا، أول من أمس، لمناقشة سبل الاستفادة من مبادرتي «عام 2016.. عام القراءة» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، و«تحدي القراءة العربي» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، معتبرين أن القراءة هي حصن اللغة ووقودها، وأن خطوتها الأولى تبدأ من البيت والمدرسة، مؤكدين ضرورة تقديم منتج جذاب للتشجيع على القراءة، ووضع استراتيجيات لقياس نسبتها سنوياً.«نتحدث عن القراءة وعامها، ونحن أمة اقرأ ومتهمون بأننا لا نقرأ، فكيف لنا أن نغير ذلك»، بهذا التعبير افتتح د. عارف الشيخ مجلسه، مثنياً على المبادرات التي أطلقها أصحاب السمو في هذا الصدد، مشيراً إلى أن «نسبة الأمية في الإمارات لا تتعدى 5%، ورغم ذلك لاتزال الأخطاء اللغوية تهيمن على الشوارع واللافتات»، قائلاً: «أطفالنا يكبرون على هذه الأخطاء، فيعتبرونها من صلب لغتنا، والكتب المدرسية مكتوبة بالفصحى ولكنها غير جاذبة لأطفالنا، فكيف نفعل القراءة بينهم، وهم المعنيون بذلك، وتصحيح الخلل يبدأ من الأسرة وثم المدرسة».اتفاق عام ساد بين مرتادي المجلس ومن بينهم الأديب عبد الغفار حسين على أن الأسرة هي الملهم الأول للطفل في القراءة، وتأتي بعدها المدرسة بما تمتلكه من روافد يمكنها إغراء الطفل بجمالية الكتاب. وفي ذلك أكد د. سليمان الجاسم أن «تعويد الطفل على القراءة هي الخطوة الأولى، وتكون عبر والديه». وقال: «توجيهات أصحاب السمو رئيس الدولة ونائبه، لقيت تفاعلاً كبيراً في المجتمع وخلق حراكاً مهماً بالدولة، لذا يتوجب تفعيل هذا الجانب لدى أبنائنا، الذين يتعاملون يومياً مع ثقافات مختلفة، ما يخلق لديهم إرباكا لغوياً، قد لا يستطيعون معه إنشاء جملة صحيحه، وزاد من ذلك انتشار«لغة» وسائل التواصل الاجتماعي الركيكة، وباتت تشكل تهديداً حقيقياً لما يمتلكونه من مخزون لغوي، يمكن تحصينه بالقراءة».عائشة سلطان الكاتبة في صحيفة «البيان» أشارت إلى أن البحث يركز دائماً على سر جفاء الشباب للقراءة، وقالت: «تعودنا الحكم على الشباب بأنهم لا يقرأون، ولكن في هذا الجانب جزء غير صحيح، فلا يوجد دراسات علمية تثبت عزوف الشباب عن القراءة وتبين نسبتهم بالمجتمع». وتابعت: «مبادرتي»عام 2016.. عام القراءة» و«تحدي القراءة العربي»، ذهبت بنا للأمام، وحركت المياه الراكدة، لذا فهي من أروع القرارات التي شهدتها الأمة العربية خلال السنوات الماضية».وأضافت: «تفعيل القراءة يحتاج منا إلى الانتباه للمناهج الدراسية، وإعادة تفعيل مكتبات الفصول ومكتبات المدارس، والتي تعتبر الشعاع الأول الذي ينير درب الأطفال بطريق القراءة».في حين أشارت فضيلة المعيني مدير التحرير للشؤون العربية والدولية في «البيان» إلى أنه لا يمكن اتهام الجيل الحالي بعدم القراءة، خاصة وأن معظم قراءته تحولت إلى إلكترونية، لتعامله اليومي مع الأجهزة التي خلق من خلالها لغته الخاصة». وبينت أن اختيارات الجيل الجديد قد تختلف تماماً عن اختياراتنا نحن.أما د. منى البحر المديرة التنفيذية لمركز الجليلة لثقافة الطفل وعضوة مجلس الأمناء للمركز، فأكدت على أن الأسرة والمدرسة هما الحاضن الأول للتشجيع على عادة القراءة، طارحة سؤالاً إذا كانت القراءة عادة، فبأي لغة يقرأ الطفل؟. وقالت:«بعد الطفل عن لغته الأم، ساهم بإبعاده عنها وجدانياً، وتقريبه من الهواتف المتحركة الجذابة، وبالتالي يجب إيجاد طريقة جذابه تحثه على القراءة، وتقنعه بمتعة القراءة».السياق التاريخي لمجتمع الإمارات وتمسكه بعادة القراءة، شكل صلب مداخلة د. عبد الخالق عبدالله استاذ العلوم السياسية، الذي أبدى تفاؤله بهذا الشأن، قائلاً:«الأسرة والجو العام للمجتمع حالياً أصبح مشجعاً على القراءة، وأصبح لدينا علاقة بين القراءة والتأليف»، مستشهداً بمقالة الشيخة بدور القاسمي المؤسس والرئيس الفخري للمجلس الإماراتي لكتب اليافعين والمؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة كلمات للنشر رئيس اللجنة المنظمة لمشروع «ثقافة بلا حدود» التي نشرتها قبل أيام. وقالت فيها إن «الإمارات تنتج كتاباً كل يوم»، معتبراً ذلك مؤشراً جيداً على الصعيد العام.أكد جمال الشحي المدير العام لدار كتاب للنشر والتوزيع، أن القراءة هي بمثابة وقود اللغات. وقال:«في الإمارات لدينا فعاليات ثقافية كثيرة، والتي تبين أننا نعيش ربيعاً ثقافياً، ولكن لابد للحركة الثقافية مواكبة هذا الربيع بحراك دائم»، مشيراً إلى أن حركة النشر بالإمارات تشهد حراكاً ملحوظاً، مؤكداً أنها تنتج يومياً كتاب واحد على الأقل، ونوه إلى أن سوق الإمارات يختلف من حيث توفر المكتبات وانتشارها فيه مقارنة مع الدول المحيطة. وطالب د. محمود حبيب إلى ضرورة وضع استراتيجيات تعمل على قياس نسب القراءة وتحفزها، بحيث يتم قياسها سنوياً، قائلاً بأن تعزيز القراءة يساهم في حفظ اللغة، وترفع من مستوى المعرفة لدى القارئ.
نشر في البيان 13054 بتاريخ 2016/03/17
أضف تعليقاً