وقعت الشاعرة والروائية والفنانة التشكيلية ميسون صقر القاسمي روايتها الجديدة «في فمي لؤلؤة» بركن التواقيع في معرض أبوظبي الدولي للكتاب بدورته السادسة والعشرين.ودشّنت ميسون روايتها بعبارة لروبرت بروانينغ يقول فيها: «هناك لحظتان في مغامرة الغواص، واحدة يكون فيها متسولاً، وهو يستعد للغطس، وواحدة يكون فيها أميراً حين يطفو حاملاً لؤلؤته».وتلحق هذا التقديم بصيغة رجاء للمنسيين في قاع مخيلتنا الشعبية، وتقول على لسان الغاصة: «يا حافظ الأرواح في الأرواح، يا منجي الألواح في لجج البحر، احفظ لنا هذا السنبوك، يا الله يا رزّاق، يا الله يا حافظ». والسنبوك هو نوع من أنواع سفن الغوص الشهيرة في المنطقةوخلال حفل التوقيع تحدثت ميسون صقر عن بعض التفاصيل الخاصة بالرواية، مشيرة إلى أنها استغرقت منها سبع سنوات من المغامرة اللغوية، والقراءة، الغوص في الذات وتحولات المنطقة، والبحث المضني في أرشيفات البحر والأساطير ورحلات الغوص والمواويل البحرية والشعر الشعبي المتعلق بجماليات اللؤلؤ، وكذلك ملاحقة مراحل صعود وانهيار تجارة اللؤلؤ على يد المخترع الياباني ميكوموتو الذي ارتدت الممثلة المنتحرة مارلين مونرو إحدى قلائده الصناعية، وهي الممثلة التي تظهر على غلاف الرواية بذات القلادة، إمعاناً ربما من ميسون في تفكيك العلاقة المعقدة بين الأصيل (المنسي) وبين الزائف (الحاضر).وقالت: «بدأت أبحث عن سحر وتأثير اللؤلؤ في المدونات القديمة، ووجدت أن كليوبترا نزعت قرطها، وسحقت اللؤلؤة الكبيرة التي تزينه، ثم أفرغت المسحوق في قدح نبيذ، وشربته أمام أنطونيو، وفيما بعد، قُدّم قرطها الثاني الذي تم إنقاذه، قربانا لتمثال الإلهة فينوس في الإمبراطورية الرومانية، حيث يعد اللؤلؤ من أقدس الأحجار الكريمة»مضيفة أن هناك حكايات كثيرة صيغت وألفت حول اللؤلؤ، ولكن أهم اللآلئ هي تلك التي خرجت من سواحل الخليج، وساحل الإمارات تحديداً، وهي اللآلئ التي زينت عنق الممثلة المعروفة إليزابيث تايلور، كما زينت عمائم مهراجات الهند، وقالت: إن المغفور له الشيخ زايد كان قد أهدى عقداً من اللؤلؤ المحلي لسيدة الغناء العربي أم كلثوم، كما أن عقداً كان اسمه «كمزار» بيع في زمن تصديره بمئة روبية، ووصل سعره بعد سنوات طويلة إلى ملايين الدولارات.وأوضحت ميسون أن معظم الحكايات حامت والتصقت بالقيمة المادية والمعنوية لعنصر اللؤلؤ، ولكن لم يتطرق أحد لمعاناة الإنسان الذي أخرج هذه الجوهرة من أعماق البحر، ومن هنا- كما قالت- أتت هذه الرواية كي تفصح عن مغامرات وعذابات وأفراح وأتراح هؤلاء الغاصة الذين نسيهم الجميع، وذابت أرواحهم في قيعان التعب، كما نسى المؤرخون المراكب التي ذهبت إلى أقاصي الحلم ولم تعد، ونسوا التاريخ الذي نعتز به في دواخلنا كأناس معنيين، وبشكل جذري، برحلات الغوص وبمعاناة الرجال الذين تقبّل البحر جثامينهم دون اعتراض.
وقالت: إنها وزّعت زمن الرواية على عالمين، وهما العالم الأصلي والحقيقي المتعلق بالصيد والغوص والرحلات والأذى الحسي والنفسي الذي يطارد الغواصين، والعالم الثاني هو العالم الافتراضي والوهمي الذي يعيشه الأثرياء والفنانون الذين يقتنون اللؤلؤ وتلاحقهم لعناتها الخفية.
وأشارت ميسون إلى تقسيمها الرواية إلى خمسة أجزاء، أو خمس مغاصات، وكل مغاصة وزعت على أربعة أقسام، وكل قسم يتناوب بين الحديث والقديم، والملموس والوهمي، ونوهت إلى أن الرواية تحمل إسقاطات عديدة حول تعاقب المحتلين والمستعمرين لأرواحنا وذواتنا وبلداننا منذ الأزمنة القديمة وحتى اليوم، ولكن بأشكال وصيغ مختلفة.حضر حفل توقيع رواية «في فمي لؤلؤة» الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وحبيب الصايغ، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، بالإضافة إلى عدد من الأدباء والمثقفين، وأشار حبيب الصايغ في مداخلة له أثناء حفل التوقيع إلى أن تجربة ميسون صقر القاسمي هي تجربة مهمة على مستوى الكتابة الشعرية في الإمارات، وستكون مهمة أيضاً على مستوى الرواية الإماراتية، ودعا الكتاب والمثقفين الإماراتيين إلى المشاركة والترشح للجوائز الكبرى من دون حذر أو خوف، منوهاً إلى أن القائمين على الجوائز المهمة مثل جائزة الشيخ زايد وجائزة البوكر لا يلتفتون إلى نتاج الكتاب والأدباء الإماراتيين، وبالمقابل دعا الكتاب أنفسهم إلى التواصل مع القائمين على هذه الجوائز، لما تملكه من قيمة معنوية وثقافية عالية، وقال: إنه من المهم أن يُنظر إلى الإماراتي كمبدع عربي، وليس كمبدع محلي لا مكان له في فضاء الجوائز العربية، ولا مجال يملكه أيضاً لمنافسة الآخرين.
نشر في الإتحاد 14909 بتاريخ 2016/05/02
أضف تعليقاً