استضافت ندوة الثقافة والعلوم في مقرها في دبي، الباحث والناقد د. صلاح فضل الذي قدم محاضرة بعنوان «المشهد الروائي الحديث»، وذلك بحضور الأديب محمد المر، وسلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة، وأدارتها القاصة صالحة غابش. أكدت غابش أن المتابع للمشهد الثقافي والأدبي العربي والعالمي المعاصر، يرى بوضوح أن الرواية أصبحت سيدة على عرش الأدب الحديث، بما تحوزه من اهتمام كبير على كل الصعد من ترجمة ونشر ومتابعة وجمهور كبير وجوائز محلية وعالمية، في حين تبدو الأجناس الأدبية الأخرى كالشعر والقصة القصيرة مطلة على عصر الرواية متحينة فرصة ما للعودة إلى واجهة المشهد الأدبي. وقالت نستضيف اليوم الدكتور صلاح فضل أحد أهم الباحثين والناقدين العرب، الذين أثروا المشهد الأدبي والفني بمعارفهم الواسعة، مقدماً العديد من الأبحاث والمؤلفات التي تستقصي واقع الرواية العربية والتطورات التي شهدتها عبر الحقب الزمنية المختلفة. قدم فضل خلال المحاضرة إطلالة على المشهد الروائي العربي، من خلال خريطة سرديةٍ قسم فيها تاريخ الرواية العربية حسب الأجيال، بداية بالجيل الأول مع نجيب محفوظ وجبرا إبراهيم جبرا والطيب صالح الذين استطاعوا أن يضيفوا إلى الرواية الكثير بتبني تقنيات جديدة لم تكن مجربة قبلهم، إضافة إلى تبني أعمالهم سينمائياً الأمر الذي ساعد في انتشارها ووصولها إلى الناس. أما الجيل الثاني أو الجيل الأوسط، فيمكن استخلاص عدة سمات عنده، حيث إن رقعته امتدت لتشمل الوطن العربي بأكمله، هذه الانتشار الإقليمي لفن الرواية أعطى عشرات المواهب التي مارست السرد في القصة القصيرة والرواية والسيرة الذاتية، لكن أهم ما صنعه أبناء هذا الجيل أنهم أدخلوا حيوات أوطانهم وشعوبهم إلى الذاكرة الإبداعية العربية وقاموا بتجذير هويتهم، كما شهد هذا الجيل دخول المبدعات من أوسع الأبواب وانبثقت أصوات كبرى، بدأت تفرض نفسها على المترجم الغربي الذي بدأ يهتم بأدب المنطقة ونقله للقارئ في كل أنحاء العالم فظهرت ترجمات للغيطاني وبهاء طاهر وصنع الله إبراهيم وإدوارد الخراط وسحر خليفة ونوال السعداوي وحنان الشيخ وإلياس خوري. إضافة إلى ظهور أسماء كبرى تمثل جزراً قائمة بذاتها في محيط أبناء هذا الجيل مثل إبراهيم الكوني من ليبيا الذي صنع وحده عالم الصحراء. أما الجيل الثالث فينتشر في كل الأقطار من دون استثناء من المغرب إلى اليمن، كما يلاحظ التواجد النسائي الكبير في هذا المشهد، وقد كشف أبناء هذا الجيل نواقص مجتمعهم وفضحوا عيوبه من دون وجل أو خوف وكسروا كل المحظورات في أعمالهم التي ذاع صيتها وانتشرت بشكل كبير، فشكلوا ظواهر غير مسبوقة من ناحية الإنتاج والنشر.
نشر في الخليج 13422 بتاريخ 2016/02/17
أضف تعليقاً