حين يتجسد الخيال في حقيقة واقعية اسمها «جابر عثرات الكرام»، من المنطقي أن تكون مطابقة لمناقب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ومنطق المسرح هنا يتماهى مع منطق الواقع، ودور البطولة بذلك الاسم، والذي لعبه سموه في مسرحية «المروءة المقنعة»، تكرر ويتكرر في حياة الإنسان الحاكم «بابا سلطان»، كما تحكي عن ذلك القصة المصورة والموجهة للأطفال والناشئة، تحت عنوان «بابا سلطان»، من تأليف صالحة غابش، ورسوم محمود عبود وفادي فاضل، وتسرد بشكل فني معبر مختصر سيرة صاحب السمو حاكم الشارقة.و الواقع الذي جسدته القصة القصيرة «بابا سلطان» المعروضة على واجهة دار «كلمات» الإماراتية، في معرض الشارقة الدولي للكتاب، هو ذلك الواقع الذي يظهر فيه الحاكم المثقف القارئ المحب لشعبه.وتبرز قصة «بابا سلطان»، في عرض شيق مراحل تكوّن سيرة صاحب السمو حاكم الشارقة، إذ تسرد الكاتبة حكاية مدينة الشارقة،، وتمر على شغفه بالعلم والمعرفة خلال فترة تعلمه الأولى، وترسم صوراً حية لهواياته الرياضية، والمسرحية، والاجتماعية، ولعه المبكر بالكتاب والمكتبات والقراءة، وبعض المواقف الإنسانية.ترصد الكاتبة بدايات مسيرة «بابا سلطان» حلمه بأن يكون طائراً في فضاءات الحكمة والعلم فتقول: «ولد بابا سلطان في الشارقة، وكان يحلم أن يكون طائراً في فضاء العلم والحكمة، لذلك سار كثيراً إلى جوار والده، وصحبه في مجالس الكبار، وعندما كان يغادر والده الشيخ محمد بن صقر القاسمي المجلس وهو معه، يسأله عن الأشياء التي يريد أن يفهمها فيجيبه عن أسئلته ويعلمه».تروي الكاتبة أيضاً مراحل نشأة وتعلم «بابا سلطان»، فتقول: «التحق بابا سلطان بمدرسة اسمها «مدرسة الإصلاح القاسمية»، التي أصبح اسمها «المدرسة القاسمية»، أكمل تعلم القرآن الكريم، وتعلم الكتابة والخط العربي الجميل، أحب بابا سلطان العلم، لأنه يجعل الإنسان قوياً وشجاعاً ومحبوباً، لهذا كان يدرس صباحاً في مدرسة القاسمية الحكومية، وفي المساء يدرس اللغة الإنجليزية في مدرسة خاصة، في الصف الرابع الابتدائي لاحظ مدير المدرسة وبعض المعلمين شدة ذكاء بعض التلاميذ وكان بابا سلطان من بينهم فقاموا بامتحانهم لنقلهم إلى الصف الخامس تقديراً لتفوقهم وكان بابا سلطان هو الوحيد الذي نجح ونقل إلى الصف الخامس».تمضي الكاتبة لتسرد النشاط الطلابي المكثف الذي كان يقوم به «بابا سلطان»، فتقول: «اشترك بابا سلطان في كل الأنشطة الطلابية فكان رياضياً وممثلاً مسرحياً ورساماً ومؤلفاً في الرياضة وكان عضواً في فريق المدرسة القاسمية لكرة القدم التي كان ماهراً فيها حتى إنه صار رئيساً للفريق، وشارك في مسابقات عديدة حصل منها على المراكز الأولى مثل سباقات الجري والقفز العالي وتخطي الحواجز النارية والموانع، وفي التأليف والثقافة أصدر بابا سلطان مجلة حائط اسمها «التقدم»، وكان يكتب ويؤلف كل مقالاتها باسمه».تستعرض الكاتبة ولع «بابا سلطان» المبكر بالقراءة، فتقول: «أحب بابا سلطان الكتب والقراءة فقد زار مكتبة في البحرين اسمها مكتبة «المؤيد»، وذلك عندما قام بالسفر مع أهله وأعجب بابا سلطان بما فيها من كتب فكان بعد عودته يبعث رسائل إلى صاحب المكتبة وفيها النقود التي جمعها من أجل شراء الكتب فيرسل له صاحب المكتبة الكتب المطلوبة إلى الشارقة ويقوم بقراءتها بينما الأولاد الآخرون يلعبون.«ولشدة حبه للقراءة كان يقرأ الروايات على زملائه الذين يدرس معهم وأيضاً على الجيران في بيوتهم».ترصد الكاتبة فرحة بابا سلطان الكبيرة باتحاد الإمارات، فتقول: «فرح بابا سلطان باتحاد الإمارات حيث كان أخوه الشيخ خالد بن محمد القاسمي حاكماً للشارقة عندما أصبحت واحدة من الإمارات السبعة في دولة الإمارات العربية المتحدة.«وبعد أن توفي الشيخ خالد الذي أحبه بابا سلطان وكان قدوته أصبح هو حاكماً للشارقة».تتضمن قصة «بابا سلطان» أيضاً بعض المواقف الإنسانية التي تبرز رفقه بالحيوان ورأفته به فقد رأى كلبة تستنجد به، ثم شاهد رجلاً بزي عسكري يجري خلفها، ويصوب نحوها سلاحه، وأصاب العسكري الكلبة في ظهرها، فوقعت على الأرض». فغضب بابا سلطان من تلك المعاملة القاسية، وجسد عندئذ مبادئ الرفق بالحيوان التي نص عليها ديننا الحنيف، فأبعد العسكري عن الكلبة، وحملها إلى بيته، وهناك داواها، وصنع لها بيتاً من الخشب، وأخذ يرعاها ويطعمها ويسقيها.وتتكامل جماليات اللغة، والمضامين، مع جماليات اللون، في الرسوم التي تصور القصة، حيث استند الرسامان اللذان واكبا أحداث القصة برسومهما الجميلة، على صورة سموه الواقعية، وقاما بتجسيدها في عدد من المواقع، وفي مختلف مراحله العمرية.ويبرز البعد التربوي للقصة أهميتها ودلالات نشرها في هذا الظرف، الذي تحتاج فيه الطفولة العربية، لعناية فائقة، في ظل تعرضها لتيار العولمة الجارف، وما يحمله أحياناً من قيم أخلاقية سلبية، تبدو غريبة ومنفصلة عن واقع الأسرة العربية والمسلمة.لذلك فإن النموذج الأخلاقي السامي لصاحب السمو حاكم الشارقة، والذي تقدمه قصة بابا سلطان بأسلوب يعشقه الأطفال ويقترب من ذائقتهم النقية، هو تأسيس لتواصل ثري مع الأجيال القادمة، وتوفير مثال جيد لها تستطيع باطمئنان الاقتداء به.
نشر في الخليج 13683 بتاريخ 2016/11/04
أضف تعليقاً