انطلقت في مدينة العين أعمال اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، بدعوة من الأمانة العامة برئاسة الشاعر حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد، والتي تحتضنها مدينة العين وتستمر أربعة أيام بحضور وفود من 16 دولة عربية، وتناقش ضمن برنامج أعمالها تقرير لجنة تعديل النظام الأساسي واللائحة التنفيذية للاتحاد، تحت إشراف الأمين العام، وبرئاسة الدكتور علاء عبد الهادي رئيس اتحاد كتاب مصر، وعضوية رؤساء اتحادات خمس دول.وأشار حبيب الصايغ في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية التي عقدت بفندق العين روتانا إلى مرور 211 يوماً منذ نهاية الاجتماع السابق في الجزائر، ليتجدد اللقاء في الإمارات الحبيبة في مدينة العين مدينة النخيل والأفياء والماء، والواحة التي طالما لجأ إليها البدو والحضر، على مرور الأيام، بحثاً عن الماء والكلأ، في مواجهة وهم السراب والظمأ.وأضاف الصايغ: اليوم يقصد الإماراتيون والعرب مدينة العين لتلقي العلم في جامعتها العريقة، جامعة الإمارات العربية المتحدة التي ليس لها فرع آخر، ما يمنحها في بلادنا، رمزيتها الخاصة وما يمنح لقاءنا اليوم بعض رمزيته: الكتاب والأدباء والشعراء والمثقفون العرب الذين يأتون من كل مكان عربي إلى مدينة العين، نحو اللقاء أولاً، وهذا، في حد ذاته أمر مهم، وليجتمعوا على طاولة المحبة والحوار واحترام الاختلاف قبل احترام الاتفاق، وفي وعيهم، كعادتهم، اتخاذ قرارات إدارية، ومواقف ثقافية وسياسية.وتطرق الصايغ في كلمته إلى سؤال يطرحه البعض كثيراً للأسف عن أدوار المثقف العربي كلما اجتمع الاتحاد العام، أو كلما عبر مثقف أو مبدع عن آراء متصلة بالحياة السياسية، البعض يعالج السؤال بسلبية، وكأنما يراد للمثقف العربي دور بعيد عن حراك أوطانه ومجتمعاته، دور هامشي ومنزوع الدسم، وكأن السياسة وفلسفتها ونظريتها لم تشغل المثقفين والكتاب والفلاسفة والمفكرين منذ آلاف السنين، وكأن أولئك، على اختلاف المراحل والأزمنة، لم يثيروا أو يثروا ذلك النقاش الكوني الشائق الماتع عن مفاهيم الحق والعدالة والحكم والأخلاق السياسية والحرية، فأي دور يراد للمثقف العربي اليوم، وقد وصلت السياسة وآثارها إلى مجتمعه وشارعه وبيته وقوت أهله ومستقبل أطفاله؟ وقال الصايغ: إن الثقافي هو سياسي بامتياز، فهل يصمت المثقف العربي إزاء قضيته المركزية الأولى، أقدس القضايا على الأرض مطلقاً، قضية فلسطين، وما يتعرض له شعبها كل يوم من عدوان آثم غاشم، وما تتعرض له، على يد العدو الصهيوني، ثقافتها وتراثها؟، هل يسكت المبدع العربي إزاء الإرهاب الممنهج الذي يهدد أوطاناً عربية مثل العراق وسوريا ومصر وليبيا، وهل يغض النظر عن محاولات تقسيم الأوطان وإضعاف وتفتيت الدولة الوطنية العربية؟.وأردف الصايغ بالقول إن الكاتب ضمير أمته، وفي مدينة العين، نلتقي اليوم على المحبة، لنجدد العهود والمواثيق، ولنقول رأينا الصادق والواثق في المستجدات وما أكثرها، منذ اجتمعنا آخر مرة، ولهذا رمزيته أيضاً، في الطرف الآخر من وطننا العربي الكبير، في الجزائر العاصمة، وفي الوطن الذي قدم من شهداء الحرية والاستقلال ما ألهم ويلهم الأجيال العربية.وأوضح الصايغ أن جدول أعمال الاجتماعات حافل، فهناك ندوة عن «الثقافة في مواجهة الإرهاب»، وأشار إلى أن الغالب في هذا الموضوع مجرد كلام انطباعي الآن لابد من تأصيله وتأسيسه تأسيساً مستمراً، عبر المنهج والعلم والبحث والبيان والاستنتاج والدليل، مشيراً إلى أن المعضلة الكبرى أننا، نحن العرب، ومعنا كل العالم، نعود إلى نقطة الصفر كلما بحثنا موضوع التطرف والإرهاب، وقد نختلف حتى على الاصطلاح والتعريفات الأولية له، ولا بد من البحث العلمي الرصين، خصوصاً حين لا تكون المواجهة فقط مع التنظيمات الإرهابية الواضحة والصريحة، كتنظيم «داعش» أو «القاعدة» أو «النصرة»، وإنما أيضاً هناك أكاديميون ودعاة، و كتاب وأدباء ومثقفون وإعلاميون ينتمون، في الظاهر إلى قبيلتنا الثقافية، وهم بأصواتهم العالية المرتعشة، أو حتى بحيادهم وصمتهم ينتمون إلى تيارات الظلام والتكفير ذاتها.وأكد الصايغ أن دور الكاتب العربي مهم وأصيل وتأسيسي وطليعي. يجب أن يكون كذلك ويستمر كذلك. ليس دور المتفرج أو الحائر وإنما دور الشريك صانع الحلم والحقيقة والقرار، وعلى الكاتب والشاعر والأديب أن يكتب أجمل وأفضل، وأن يبدع الفن، وأن يسحر ويبهر ويدهش، لكن اليقين في المقابل أيضاً أن المثقف يحب وطنه أكثر إذا كان يفهم في السياسة، ويحب حبيبته بشكل أفضل وأكثر دفئاً وأناقة إذا كان وعيه السياسي حاضراً وصاحباً.
نشر في الخليج 14000 بتاريخ 2017/09/17
أضف تعليقاً