الذاكرة الإماراتية تنعش ركـن التـواقــيـع في معرض الشارقة الدولي للكتاب


شهد ركن التواقيع في ثاني أيام المعرض؛ تجمهر عشّاق القراءة المتعطشين لاقتناءِ جديدِ الكتب والمؤلفات؛ في ظلِّ إجراءات احترازية استثنائية، وتنظيمٍ منقطع النظير، ومما زادَ من حميمية المشهد؛ حفاوة وحرارة اللقاء بين القرَّاء و9 كُتّاب وقّعوا على مؤلفاتهم التي انقسمت في الغالب بين التراث والتاريخ والثقافة الإماراتية من جهة، وبين المجموعات الشعرية التي احتضنت في طيّاتها عذبَ الكلامِ من جهة أخرى؛ إلى جانب إصدارات أخرى متنوعة؛ وسطَ أجواء احتفالية مُبهجة.
وقّع خليفة سيف الطنيجي كتابه الجديد «مدينة الذيد.. قراءة في التاريخ والشخصيات»؛ الصادر عن معهد الشارقة للتراث 2020؛ وفيه يغوص الكاتب إلى أعماق تاريخ هذه المدينة الإماراتية؛ في محاولةٍ منه لتوثيق ولو جزء يسير منه؛ كما يتتبع بدايات المؤسسات والمشاريع التنموية المهمة فيها، والتي كانت لها بصمة واضحة فيها، ويسلط الكاتب الضوء أيضاً على قطاع الزراعة في الذيد «عاصمة المنطقة الوسطى» بإمارة الشارقة؛ خصوصاً شجرة النخيل؛ فضلاً عن تخصيص جزء للحديث عن مسيرة التعليم هناك، والتي اقتربت من عقدها السادس.
الطنيجي يتطرق في كتابه للحديث عن المشاريع الحيوية في قطاعي المواصلات والكهرباء أيضاً، والتي غيّرت مجرى الحياة كُليِّاً هناك؛ كما يتنقل الكاتب بين مواضيع أخرى تتنوع بين الحديث عن بعض الشخصيات، والدوائر الحكومية، وتاريخ المساجد؛ إلى جانب المشهد الثقافي الذي طرأ عليه الكثير من التحول والتحديث في تلك المنطقة.
استمرَّ القرّاء في رحلة عبر الزمن إلى حيث التاريخ والعراقة والأصالة الإماراتية، وهذه المرة مع د. عبدالله سليمان المغني الذي قدَّم كتابه الجديد «تاريخ مدينة خورفكان الاجتماعي والاقتصادي في النصف الثاني من القرن العشرين» الصادر لأول مرة عن معهد الشارقة للتراث، وفيه يُبحر الكاتب في تاريخ هذه المدينة، وتحديداً منذ مطلع الخمسينات من القرن المنصرم؛ وصولاً إلى الثمانينات منهُ؛ كما يُلقي الضوء على جذورها التاريخية الممتدة والضاربة في القِدم.
ويروي الكاتب قصصاً عن مدينة خورفكان الولَّادة بالموهوبين والمبدعين على امتداد الزمن؛ خاصةً الجيل الذي عاش تلك الحقبة التي لا تزال حاضرةً في ثنايا الذاكرة لا تغيب، ويؤكد الكاتب أن هدفه الأسمى من هذا التوثيق هو أن تبقى هذه الذكريات عصيَّةً على النسيان، وأن يظلَّ الماضي حاضراً لدى أبناء هذا الجيل يستلهم منه العبر والعظات والدروس، ولكي تبقى القيم الموروثة الحصن الحصين للحفاظ على الهوية والأصالة.
من جهتهما؛ نقشت كلّ من آمنة الرشيد، وسميحة الملا؛ الحروف العربية باللهجة الإماراتية الأصيلة، وذلك من خلال كتابهما «جديم الصوف في نقش الحروف» الصادر للمرة الأولى عن معهد الشارقة للتراث، ومن خلاله تنقل الكاتبتان الموروث الثقافي المنطوق المتمثل في اللهجة الإماراتية من الأجيال السابقة إلى اللاحقة، وقد جاء الكتاب مُبسَّطاً مستساغاً، وسهل التناول؛ ليكون بذلك مدخلاً لتشجيع المهتمين بالتراث الشعبي، والهواة من الشباب؛ على الاستزادة من المعارف الضرورية، وتعريفهم بعادات الأجداد من خلال إطلاعهم على بعض المفردات اللغوية القديمة المقترنة بالصور التوضيحية؛ لإثراء مخزونهم اللغوي، وتعزيز الشعور بالانتماء إلى الوطن.
تشير الكاتبتان إلى أن هدفهما من هذا الكتاب هو حفظ الذاكرة الإماراتية الجماعية، ووحدة البيت الإماراتي، والحفاظ على الهوية الوطنية، وأنهما تقتديان في ذلك بمقولةٍ لوالد الإماراتيين الشيخ زايد طيَّب الله ثراه؛ حين قال: إن «الأسلاف من أجدادنا قد تركوا لنا الكثير من التراث الشعبي الذي يحقُّ لنا أن نفخر به، ونحافظ عليه ونطوِّره؛ ليبقى ذخراً للوطن».
كان للسيارات حيِّزٌ في ركن التواقيع من خلال كتاب «السيارة في دولة الإمارات.. تاريخٌ وأشعار» لمؤلفه فهد علي المعمري، والصادر عن معهد الشارقة للتراث، وفيه ينقل الكاتب ما تناوله الشعراء في هذا الأدب وتفننوا فيه، وماذا قالوا في وصفه؛ كما يذكر الكاتب تفاصيل في منتهى الدقة؛ من بينها الطرقات التي كانوا يسلكونها بين إمارات الدولة في الماضي؛ خصوصاً تلك الطرق المؤدية إلى سلطنة عمان، وغيرها الكثير من الطرق الواصلة بين مدن ومناطق الدولة.
يوضح المعمري أن كتابه الجديد يتحدث عن السيارة في الشعر النبطي الإماراتي، ويشير إلى أنه تتبَّع الكثير من الأشعار والروايات في هذا الإطار، واختار منها ما رآهُ مناسباً لجمعها بين دفَّتي هذا الكتاب؛ لافتاً إلى أنه قرأها بتمعّن، فرأى معانيها لا تقف عند معنى واحد «وهو ذكر اسم السيارة فقط»؛ بل كانت المعاني وفيرةً في تلك الأشعار؛ من بينها وصف السيارة بالقوة والمتانة؛ التغني بمهارات السائقين؛ التفاخر بالسيارات الفارهة والجديدة، وغيرها الكثير.
كان الشعر حاضراً بقوة في ثاني أيام المعرض من خلال 3 مجموعات شعرية نثرت عذب الكلمات في أرجاء ركن التواقيع؛ من بينها المجموعة الشعرية «وأظن.. أنا» للشاعرة شيخة المطيري؛ الصادرة لأول مرة عن اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، ومجموعة أبو ظبي للثقافة والفنون، والتي تضم بين طيّاتها 26 قصيدة توزعت على 80 صفحة من القطع المتوسط، وتقول الشاعرة في مقدمة مجموعتها: «إلى حبيب الصايغ.. لم يعد يملك الآن طاولةً للكتابة؛ صار يملكُ غيماً، والغيوم التي صار يملكها.. لا تموت».
المجموعة الشعرية الثانية كانت بعنوان «غيمة مستعملة» للشاعرة نجاة الظاهري الصادرة لأول مرة عن اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، ومجموعة أبو ظبي للثقافة والفنون، وتضم 20 قصيدة تتوزع على 85 صفحة من القطع المتوسط، وكان للراحل حبيب الصايغ حيِّز في هذه المجموعة أيضاً؛ إذ تقول الشاعرة في مقدمتها: «إلى حبيب الصايغ.. وَذِكرهُ الأبقى في ذاكرة قصيدتي».
وكان القراء على موعد مع مجموعة شعرية ثالثة بعنوان: «كآخر من يعود» للشاعر د. طلال سعيد الجنيبي؛ الصادرة لأول مرة عن دار «نبطي» للنشر، والتي تضم 36 قصيدة موزعةً على 111 صفحة من القطع المتوسط، وتظهر على غلاف المجموعة الشعرية صورة شخصية للشاعر؛ في حين عكست الأغراض المتنوعة التي حضرت في قصائدهِ التجربة الثرية للشاعر.
من جانبه استقبل د. سيف راشد الجابري قراءه بكتابه الجديد «التعايش السلمي بين الشعوب في الإسلام»؛ الصادر لأول مرة عن دار سيف الجابري للطباعة والنشر والتوزيع، ويقدم الكاتب من خلاله شرحاً مختصراً عن حضارة الإسلام في بناء منظومة التعايش السلمي لشعوب العالم؛ باعتبارها منهجاً ربَّانياً لكل البشر؛ كما يتطرق الكاتب إلى الكثير من الجوانب التي تُمكن الشعوب والحضارات من صناعة السلام في العالم كمدخل للأمان والعيش بسعادة للمجتمعات البشرية.
يتحدث د. سيف راشد الجابري أيضاً عن الثقافة الإسلامية التي حَفلت بمنظومة متكاملة ترعى المسيرة التعايشية بين الشعوب والقبائل، وتجمع في رياضها شتات العروق والفصائل، وتضفي عليها محاسن الأخلاق؛ كلُّ ذلك في سبيل أن يحيا الإنسان حياةً طيبة شعارها السلام، ومنهجها وفكرها لا يحيد عن الإسلام، ويؤكد الكاتب في الوقت ذاته أن التعايش عموماً لا يلغي ثقافة أيّ أمةٍ أو خصوصيتها، ولا يهدف إلى إزاحة الثقافة الاجتماعية لكل أمة؛ بل تسعى البشرية من خلال التعايش لضمان حقوق الآخرين في العيش بأمان وسلام، والارتقاء نحو الأفضل.


نشر في الخليج 15147 بتاريخ 2020/11/07


الرابط الإلكتروني : https://www.alkhaleej.ae/2020-11-06/%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%B9%D8%B4-%D8%B1%D9%83%D9%80%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%80%D9%88%D8%A7%D9%82%D9%80%D9%80%D9%8A%D9%8

المزيد من الأخبار في كتب كتب كتب- الخليج 15147

شارك هذا الخبر مع أصدقائك تويتر فيسبوك جوجل


أضف تعليقاً

تعليقات الزوار


التبراة : والجمع ( تباري ) وهي المغاصة التي يكثر في قاعها المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ . فيقال ( المركب عنده تبراه ) أي وجد مغاصة يكثر فيها اللؤلؤ في قاعها الرملي . وقيل أن مناطق ( التبراة ) تسري ليلاً من مكان إلى آخر ، وأن المحار يطوف على سطح البحر ، فيلمع وكأنه ألوف المصابيح الدقيقة المنثورة على سطح البحر ، فتلاحقه سفينة الغوص حيثما ذهب . ( معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة )

التبراة : موقع إماراتي يتناول مئات المواضيع التي تضيء شعلة حب الكتاب لدى أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة ( شخصيات وهيئات ومؤسسات ) في نشر ودعم الكتاب على مستوى العالم وبكل اللغات . كما يعرض لأكثر من ألف عنوان كتاب يتم نشره سنوياً منذ بداية الألفية الثالثة .

ملاحظة : الموقع عبارة عن قاعدة معلومات فقط و لا يتوفر لديه نسخ من الكتب .

عداد الموقع

الكتب
33331
المؤلفون
18463
الناشرون
1828
الأخبار
10191

جميع الحقوق محفوظة - موقع التبراة