انتهى مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث من ترميم أقدم وأكبر مصحف في حلب من خلال قسم الترميم بالمركز، واستمر العمل في المصحف والذي يقدر تاريخ كتابته ما بين القرن السابع والثامن الهجري لمدة ثلاثة أشهر ونصف. وأوضح جمعة الماجد رئيس المركز في المؤتمر الصحافي الذي عقد صباح أمس بمقر المركز أنه مسؤول عن إنقاذ أي كتاب في العالم مهما كان ديانته أو لغته، مشيرا إلى أن إنقاذ التراث الإنساني مهمة قد حملها على عاتقه منذ زمن.وقال إن عددا من الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي وقعها المركز مهدت الطريق لإنقاذ كثير من الكنوز التي غلفها ستار من التجاهل وأكوام من الغبار والأتربة ردحا طويلا من الزمن، وشكلت تحديا أثمر العديد من أجهزة الترميم التي تم تطويرها في معمل المركز، وتركيبها في مكتبات المخطوطات حول العالم. وقال إن المركز يواصل جهوده واهتمامه بالتراث الإسلامي المخطوط المنتشر في مختلف مكتبات العالم والعناية به وحفظه وترميمه حتى يسلم من الآفات التي لحقت به، وحتى يورث من جيل إلى جيل، ومشيرا إلى أنه جاء اليوم الذي تم فيه ترميم المصحف المملوكي الأكبر والأقدم في مدينة حلب والخاص بالمكتبة الوقفية والذي يزيد عمره عن ستمائة وخمسون عاما. وقال الدكتور بسام الداغستاني رئيس قسم الترميم والمشرف على ترميم المصحف إن فريقا من المختصين عكف على عملية الترميم بكافة مراحلها وصل إلى عشرة أشخاص حتى أوصل المصحف إلى تلك الحلة القشيبة التي ظهر عليها. وأضاف أنه واستكمالا لعملية الترميم قام فريق التصوير بعملية مضنية استغرقت ثلاثة أيام في تصويره رقميا رغم كبر حجمه بحسب محمد حسن نوفلية رئيس قسم المكتبات الذي أشرف على عملية التصوير. وقال إن المركز يقدم هذا العمل هدية للمكتبة الوقفية في حلب، وندعو الله أن يجعل هذا الجهد في ميزان حسنات رئيس المركز على ما يبذله في سبيل هذه المهمة النبيلة. ولفت إلى أن المركز له أكثر من 40 وحدة ترميم في العالم العربي والإسلامي من حيث الأجهزة والمواد والأدوات والتدريب ومن أهمها، معمل الترميم في تمبكتو في مالي، ومعمل الترميم في دار المخطوطات بصنعاء في اليمن ومعمل الترميم في معهد المخطوطات الشرقية في دوشنبه في طاجيكستان ومعمل الترميم في مكتبة قونية المركزية في تركيا ومعمل الترميم في مركز التوثيق الملكي الهاشمي في الأردن.
وقال إن المركز عضو في اللجنة الفنية المشرفة على ترميم مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه في طشقند بأوزبكستان والتي تم تشكيلها من قبل منظمة اليونسكو. والمصحف هو من القطع الكبير ( 72/ 52 سم ) وتصل عدد أوراقه إلى 434 ورقة، ويعود للعهد المملوكي في الفترة ما بين القرن الثامن والتاسع الهجري، والورق طبيعي بسماكة 350 وحبره كربوني وغلافه جلدي حديث. وعن الأضرار التي لحقت بالمصحف قال إن نسخة المصحف أصيبت بأضرار كثيرة منها تراكم أتربة وأوساخ وآثار رطوبة وتشربات لونية على الورق أدت لانحلال الحبر في بعض الصفحات وضعف وفقدان أجزاء كثيرة من كل الصفحات، بسبب العوامل السيئة في التخزين والحفظ، إضافة إلى وجود ترميم قديم سيئ جدا مما أدى لتقصفه واهترائه أيضاً، غلافه جلدي حديث فيه جفاف وتكسر واحتاج لاستبدال بغلاف يتناسب مع تاريخ نسخ المصحف. وعن الإجراءات الفنية والعملية قال إنه تم وصف المصحف وتحديد صفاته وإصاباته، وتنظيف الأوراق ونزع الترميم القديم، ومعالجة الأوراق بالمحاليل والمواد المناسبة لإعادة الحالة الصحية السليمة لها، وصناعة ورق مناسب من حيث السماكة واللون للترميم اليدوي ثم ترميم معظم أوراق المصحف يدويا بطريقة فنية عالية الجودة وترميم بعضها الأخر بالطريقة الآلية. كما تمت خياطة المصحف وحبكه بنفس الطريقة المستخدمة سابقاً بالأصل ومن ثم تصميم غلاف هندسي بنفس التصميمات المملوكية المعروفة بذلك العصر وصناعة علبة حفظ خاصة من حيث التصميم تضمن للمصحف الحماية من عاديات الزمن. ( البيان 10435 )
نشر في البيان 10435 بتاريخ 2009/1/12
أضف تعليقاً