«حديث الأجيال» .. قراءة في تطور اللهجة الإماراتية
احتضن قصر المويجعي، ضمن فعاليات مهرجان العين للكتاب 2025 الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية، جلسة ثقافية بعنوان «حديث الأجيال»، سلّطت الضوء على كتاب «مَحلاها رمستنا»، أحدث إصدارات الباحثة والكاتبة الإماراتية لمياء راشد الشامسي.
وتوقّفت الشامسي، خلال الجلسة التي أدارها عبد الرحمن اليعربي، عند مسيرتها البحثية التي استمرت سنوات في هذا المجال. وعرّفت الحضور على تجربتها الغنية والممتدة عبر جماليات اللهجة الإماراتية، فقد قدمت نفسها بوصفها باحثة بدأت في الشارقة، المدينة التي شكلت وعيها الثقافي، حيث درست التاريخ، ما منحها قدرة فريدة على قراءة الإنسان والمجتمع من خلال لغته ولهجته.
وأوضحت الشامسي أن دراستها الأكاديمية جعلتها تدرك مبكراً أن اللغة، خصوصاً اللهجة المحكية، ليست مجرد وسيلة للتواصل اليومي، بل مرآة دقيقة لطبيعة المجتمع، وقيمه، وتطوره، وذاكرته المشتركة، وهذا الوعي دفعها إلى تعميق اهتمامها بالتراث اللغوي، قبل أن تكرس سبعة أعوام من حياتها للعمل في سلك التعليم، حيث لاحظت عن قرب التغيرات اللغوية بين الأجيال، وما يرافقها من اندثار كلمات وظهور أخرى جديدة.
وتحدثت الشامسي عن نقطة التحول في مسيرتها، حين بدأت في العام 2014 مشروعاً بسيطاً لجمع المفردات الإماراتية وتوثيقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وروت للحضور كيف انطلقت بهدوء مدفوعة بشغف الباحث الذي يسمع للكلمة نبضها، ويمنحها قيمة تتجاوز حدود الاستخدام اليومي. ومع الوقت، بدأ المشروع ينمو، ويتفاعل معه المتابعون، لتتحول تلك المبادرة الشخصية الصغيرة إلى منصة تعليمية وتثقيفية واسعة الانتشار، يقصدها الآلاف من الراغبين في تعلم اللهجة الإماراتية أو استعادة علاقتهم بلغتهم اليومية الجميلة.
وبفضل دعم أسرتها ومجتمع المتابعين، أصبحت الشامسي مرجعاً لغوياً معاصراً، وحارسة للهجة الإماراتية في فضاء رقمي سريع الإيقاع، تسعى من خلاله إلى حماية التراث الشفهي من النسيان، وبث الحياة في الكلمات القديمة عبر محتوى مبسط وقريب من الناس.
وشدّدت الشامسي على أن اللهجة هي أول أشكال الانتماء، مؤكدة أن التنوع اللغوي بين مناطق دولة الإمارات يمثل ثراء ثقافياً يجب الاحتفاء به.
وأضافت أن عملها في الكتاب «محلاها رمستنا» جاء لتعريف القراء على اختلاف اللهجات الإماراتية من منطقة إلى أخرى، وإبراز جمال هذا التنوع، وشد الانتباه إلى المفردات التي بدأت تتراجع أمام زخم التطور الحضاري وسرعة التحولات الاجتماعية.
وأشارت الشامسي إلى أن مشاركتها في مهرجان العين للكتاب هذا العام هي الأولى، معبرة عن سعادتها بوجودها في قصر المويجعي، المكان الذي يمثل ذاكرة دولة الإمارات وحضورها التاريخي.
وأكدت أن إطلاق الكتاب في هذا الموقع العريق يضيف قيمة مضاعفة لعمل يهدف إلى حفظ الهوية اللغوية، وتعزيز الانتماء الوطني.