قراءة في كتاب «الحكمة .. رؤى ونماذج في مجال التنمية والبناء المؤسساتي»
عقد مكتب الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بمقر المكتب في أبوظبي، ندوة قراءة في كتاب «الحكّمة.. رؤى ونماذج في مجال التنمية والبناء المؤسساتي»، وهو جهد بحثي وفكري شارك فيه نخبة من الكتاب الإماراتيين والمغاربة، على رأسهم كل من الدكتور جمال السويدي، ومحمد توفيق ملين، مكلّف بمهمة في الديوان الملكي، مدير عام المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية بالمملكة المغربية.
وحضر الندوة نخبة كبيرة من المفكرين والمثقفين والباحثين والإعلاميين ورجال السياسة من الإمارات والمغرب، حيث تفاعل الحضور مع الكتاب، الذي يرصد تاريخ العلاقات المغربية الإماراتية منذ زمن البدايات، من خلال الرؤى والسياسات وتجذير قيم التسامح والتعايش السلمي في الدولتين. ويعتبر أول جهد علمي يوثّق التجارب المشتركة في التنمية والبناء المؤسساتي في البلدين الشقيقين.
وبدأت الندوة بكلمة للدكتور جمال السويدي، رحّب فيها بالحضور والمشاركين، معرباً عن شكره لاهتمامهم الكبير بالكتاب، موضحاً أن كتاب «الحكمة.. رؤى ونماذج في مجال التنمية والبناء المؤسساتي» هو نتاج جهد جماعي لنخبة من صنّاع القرار والمفكرين والأكاديميين من المملكة المغربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، مشيراً أيضاً إلى أنه يستعرض تاريخ العلاقات بين الإمارات والمغرب، ويبرز الرؤية الصائبة لقائدي البلدين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والملك محمد السادس، نصره الله، في تجذير فلسفة الوحدة والتضامن بين الدول العربية، وتجسير فكر التوافق والتشاور.
وأضاف السويدي أن الكتاب يشرح كيف أن قضايا التنمية بين الدولتين الشقيقتين، تنحو منحى متعدد الأبعاد، بفضل مساعي قائدي البلدين لترسيخ القيم والمبادئ المشتركة، لتجاوز التحديات الثقافية والفكرية والحضارية التي ترتبط بمصير البلدين.
من جهته، أشاد السفير أحمد التازي، سفير المملكة المغربية لدى الإمارات العربية المتحدة، بالعلاقات الوطيدة بين البلدين، قائلاً، عندما وصلتني نسخة من كتاب «الحكمة.. رؤى ونماذج في مجال التنمية والبناء المؤسساتي»، أدركت منذ الوهلة الأولى، أننا أمام عمل علمي من مستوى عالٍ، يوثّق بعمق حكمة قائدين استثنائيين جمعتهما رؤية مشتركة في خدمة الإنسان، وبناء الأوطان، وترسيخ قيم السلام والتسامح.
وأضاف: إن هذا الكتاب، الذي جاء ثمرة تعاون بين المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية ومركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ليس مجرد إصدار أكاديمي، بل هو جسر آخر يُضاف إلى جسور الأخوة الصادقة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وثمن التازي هذا العمل الرصين، وعبر عن خالص التقدير للدكتور جمال سند السويدي، على هذا الجهد العلمي والفكري الكبير الذي أضاء جوانب متعددة من الرؤية الثاقبة لقائدي البلدين في مجالات التنمية والبناء المؤسساتي، وجعل من هذا الكتاب مرجعاً يجمع بين عمق الفكر ودقة التحليل، وجمال الصياغة.
واختتم التازي حديثه، قائلاً، لا يسعني إلا أن أؤكد أن هذا الكتاب سيظل شاهداً على الحكمة التي طبعت مسيرة قائدي بلدينا، ونبراساً يهتدي به كل من يؤمن بأن بناء الإنسان هو أسمى غايات التنمية، وينبغي أن يظل في صلب كل مشروع حضاري، وأن القيم الإنسانية المشتركة هي أساس كل شراكة صادقة ودائمة.
وقدّم الدكتور محمد بن هويدن، عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الإمارات العربية المتحدة، قراءة للكتاب، حيث قال، لقد أثبتت العلاقات الإماراتية - المغربية، عبر عقود من الثقة والتشاور، أنها شراكة أخوية صادقة ثابتة تجاوزت حدود التعاون الثنائي، لتصبح فضاء استراتيجياً تتقاطع فيه رؤى قيادتين، تدركان أن الحكمة ليست صفة للقرار فحسب، بل منهجاً في صناعة الاستقرار والتنمية.
وأكد أن كتاب «الحكمة.. رؤى ونماذج في مجال التنمية والبناء المؤسساتي» يقدم قراءة علمية رصينة في المنظور المشترك للعلاقات والسياسات بين الإمارات والمغرب، ويُبَيِّن كيف تحولت الحكمة إلى ركيزة استراتيجية في قيادة الدولتين، مشيراً إلى أن الكتاب يعرض الحكمة كإطار تفسيري لنجاح القيادة بالبلدين في تحويل التحديات إلى فرص، وإرساء نموذج تنموي قائم على الاستباق والفاعلية واستدامة القرار.
أما الدكتور محمد بشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، فأشاد بكتاب الحكمة، قائلاً، إن «كتاب الحكمة» يقدم قراءة مقارنة للتجربتين المغربية والإماراتية، وينحاز لمنهج علمي يرصد السياسات والنماذج المؤسسية بدلاً عن الخطاب الدبلوماسي المجامل، مشيراً إلى أن الكتاب يبرز النماذج المنهجية المشتركة، مثل مركزية الاستقرار، أولوية الإنسان، قوة المؤسسات وإدراك أن الاستقرار ليس هبة، بل صناعة خيارات واعية.
وأضاف بشاري، يمكن قراءة كتاب الحكمة باعتباره جزءاً من سيرة فكرية للمؤلف أيضاً، فالمتابع لسلسلة كتبه يلاحظ انتقالاً من تحليل مجرد للنظام العالمي وللإسلام السياسي إلى تركيز أكبر على نماذج محددة: الإمارات نموذج، ثم وثيقة الأخوة الإنسانية، ثم الآن العلاقات المغربية – الإماراتية. هذا الانتقال من المجرد إلى النموذجي هو في ذاته ممارسة للحكمة الفكرية، مشيراً إلى أن الكتاب يعرض نماذج ملموسة يمكن أن تسهم في تصحيح النقاشات العربية حول الدولة والاستقرار.
وأوضح بشاري أن الكتاب يؤكد فرادة التجربة الدستورية ومسائل الهوية والمواطنة، مقابل النماذج التي سيّست الهوية أو جعلتها أداة للسيطرة الأيديولوجية. فالمغرب والإمارات، في هذا التصور، يقدمان نموذجاً لهوية وطنية منفتحة ومتجذرة وغير خاضعة للتوجيه الأيديولوجي.
ومن جانبها أشادت الدكتورة مريم الكلباني، جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، بكتاب «الحكّمة.. رؤى ونماذج في مجال التنمية والبناء المؤسساتي»، قائلة، يأتي هذا الكتاب ليعرض المشتركات بين القيادتين في الدولتين من خلال نخبة من الكتاب المتميزين في الإمارات والمغرب، مؤكدة أن القيادة في البلدين حققت الريادة الإقليمية لدولتيهما.
وأضافت، يُجمع دارسو العلوم السياسية على أن أسلوب الحكم الفعال هو العامل الحاسم في إنجاح هذه الدولة، فالدولة الناجحة هي الدولة التي لديها قيادة سياسية تحقق الهدف المرجو من الدولة، مؤكدة أن هذا الكتاب يوضح أن دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة المغربية بها قيادات سياسية ملهمة مثل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والملك محمد السادس، ملك المغرب اللذين استطاعا تحقيق الحياة الكريمة للإنسان في بلديهما، موضحة أن أعظم ما يجمع هذين القائدين هو الحكمة في العمل لتحقيق ما هو خير لبلديهما وشعبيهما والصالح العام.
وعلى هامش الندوة ألقى الشاعر الإماراتي خليل عيلبوني قصيدة شعرية رائعة تعبّر عن عمق العلاقات بين الإمارات والمغرب والمشتركات الثقافية بينهما .